الإعجاز القرآني في وصف السحاب الركامي
بسم الله الرحمن الرحيم
{أََلمْ َترَ أَنَّ اللَّهَ يُزْجِي سَحَابًا ُثمَّ يُؤَلِّ ُ ف بَيَْنهُ ُثمَّ يَجْعَُلهُ رُ َ كامًا َ فَترَى الْوَدْ َ ق يَخْرُجُ مِنْ خِلَالِهِ
وَيُنَزِّلُ مِنَ السَّمَاء مِن جِبَالٍ فِيهَا مِن بَرَدٍ َ فيُصِيبُ بِهِ مَن يَ َ شاء وَيَصْرُِفهُ عَن مَّن يَ َ شاء يَكَادُ
سََنا بَرْقِهِ يَذْهَبُ بِاْلأَبْصَارِ} ( ٤٣ ) سورة النور
أنواع كثيرة، والقليل منه ا: هو الممطر، وقد صنف العلماء الأرصاد والسحب إلى أنواع متعددة . تعتمد
على ارتفاع قاعدتها وسمكها، وطريقة تكوينه ا. وأحد أنواع
هذه السحب : يسمى بالسحب الركامية ، وهي الوحيدة التي
قد تتطور بإذن الله لتصبح ما يسمى بالركام المزني
(المطر). وهو النوع الوحيد الذي قد يصاحبه برد وبرق
ورعد. ويتميز هذا النوع بسمك كبير . وقد يصل إلى أكثر
.( من ( ١٥ كم) ويشبه الجبال ( ١) كما في ( الشكل رقم : ١
وبتطور علم الأرصاد الجوية .، واستخدام الأجهزة الحديثة،
مثل أجهزة الاستشعار عن بعد، والطائرات والرادارات
والأقمار الصناعية، وبمسا عدة الحاسبات الإلكترونية
استطاع علماء الأرصاد دراسة تفاصيل دقيقة عن مكو نات
السحب وتطورها، ومازال هناك الكثير أمام هذا الفرع من العلوم لاستكمال درا سته وفهمه . والسحاب
الركامي الذي تصف الآية الكريمة تكوينه : هو ضمن ما درسه علماء الأرصاد واهتموا به من حيث : كيف
يبدأ؟ كيف يتطور .. الظواهر الجوية المصاحبة له؟ وقد أجاب القرآن الكريم على كل هذه التساؤلات قبل
١٤٠٠ عام بدقة مذهلة.
نبذة تاريخية عن علم الأرصاد
السحاب والمطر:
صفحة ١ من ١٠ الإعجاز القرآني في وصف السحاب الركامي
تطورت الأرصاد الجوية إلى علم في القرن التاسع عشر بينما يرجع تاريخ اعتبارها فرعًا من فروع
المعرفة إلى العصور الأولى لحضارات الإنسان ويمكن تقسيم تاريخ الأرصاد الجوية كما ذكر (فريز نجر )
إلى ثلاث فترات أساسية على النحو الآتى:
الفترة الأولى : (من سنة وفيها ٦٠٠ ق.م - ١٦٠٠ م) وهي ما تسمى بفترة التخمين فيها كانت أفكار
الفيلسوف الاغريقى أرسطو علم الأرصاد هي السائدة في ذلك الحين.
الفترة الثانية : (من سنة ١٦٠٠ م - ١٨٠٠ م) وهي الفترة التي يمكن تسميتها " فجر علم الأرصاد الجوية "
وأهم ما يميزه ا: هو بداية اختراع وتطور أجهزة الأرصاد . وقد بدأت قياسات العناصر الجوية في هذه الفترة
تأخذ طابع التناسق والاستمرارية، وقد وصفت في هذه الفترة أساسيات الأرصاد الجوية الحديثة التي ظهرت
في القرنين السابع عشر،والثامن عشر.
الفترة الثالثة : بدأت مع بداية القرن التاسع عشر، وفيها أصبحت الأرصاد الجوية علمًا من العلوم
التطبيقية ومنذ ذلك الحين شاركت العلوم الأخرى كالرياضيات والفيزياء والكيمياء في دراسة وفهم طبيعة
الغلاف الجوى.
وهكذا ظهرت الأرصاد الجوية وتطورت في الحضارات الأولى العظيمة في أفريقيا (قدماء المصريين )
وأسيا (البابليون) وجنوب وسط أسيا (الهندوس والتتار ) وشرق أسيا (هوانج هو و يانجتز ) ولكن معظم
معلوماتنا ترجع إلى قدماء المصريين والبابلين . ففي مصر ( ٣٥٠٠ ق.م ) أخذت الأرصاد الجوية الطابع
- الدينى فقد اعتقد قدماء المصريين أن الظواهر الجوية المختلفة تخضع للآلهة . بينما ربط ال بابليون ( ٣٠٠٠
٣٠٠ ق. م) بين الظواهر الجوية وعلم الفلك بما عرف في ذلك الحين بالأرصاد الفلكية . وبالرغم من أن أول
رصد للظواهر الجوية كان بواسطة اليونان القدماء ( ٦٠٠ ق.م) إلا انه لا يوجد دليل يدل على أنهم فهموا
عملية تكوين السحب حتى بعد أن ظهر مؤلف (أرسطو) ( ٣٠٠ ق.م) تحت عنوان (الأرصاد الجوية ) والذي
كان يمثل كل ما عرف في ذلك الحين عن الأرصاد الجوية . وفيه يصف الغلاف ال جوى بأنه "المنطقة
المشتركة للنار والهواء " وأن الشمس هي العامل الرئيسي والأول لتكون السحب لأن عمليتي التبخر والتكاثف
هما نتيجة قرب أو بعد الشمس عن الأرض وهذا يسبب تكون أو تبدد السحب .. وتعتمد نظريته على أنه لا
يمكن أن تتكون السحب في علو يزيد عن قمة أكثر الجبال ارتفاعًا، لأن الهواء بعد قمة الجبل تحتوى نارًا
نتيجة حركة الشمس الجغرافية . ولا تتكون السحب قريبًا من سطح الأرض بسبب الحرارة المنعكسة من
الأرض.
المفاهيم القديمة عن البرد والرعد والبرق:
شاهد الناس منذ القدم ظواهر البرد والرعد والبرق وبالرغم من اختلاف ردود فعلهم ودوافعهم في
التعامل معها، فإنهم أجمعوا على عبادتها وتقديم القرابين بين يديها، إما فرقًا من هالة المشهد الذي تكون هذه
الظواهر مسرحًا له، وإما خوفًا مما تحمله أو تنذر به . فحضارة الرافد ين وسوريا وحضارة الصين والهند،
وكذا حضارة الأغريق، كلها تشهد بذلك.
ففي حضارة الرافدين والشرق الأوسط على العموم تبين كتب التاريخ وبعض الآثار المنقوشة على الحجر
أنهم كانوا يرمزون إلى الرعد بشارات إما على صورة مخاريق برقية أو حزم من الصواعق تقذف بها
الآلهة. أما العصر الحثى (الحثيون: شعب فتح آسيا الصغرى وسوريا في الألف الثانية قبل الميلاد ) في شمال
سوريا فتميز بأن معبود الطقس كان الإله الرئيس ومعبود الكل، رعية وملوك ا. أما الحضارة الصينية فتكونت
لديها أسطورة أكثر تعقيدًا إذ ظهر بها ما يسمى بمجلس وزراء أرباب العواصف الرعدية ومساعديهم من
النبلاء فكان يرأس المجلس المكون من خمسة آلهة وإلهة - إلهة الرعد "لى تسو " كما يظنون، أما الربة "تين
صفحة ٢ من ١٠ الإعجاز القرآني في وصف السحاب الركامي
ميو" إله البرق فكانت تتميز عن الآخرين بحملها مرآتين لتوجيه الشرارات المحرقة، بينما الرعد باعتباره
صوتًا فكان من اختصاص النبيل الكونت "لى كونج" قارع الطبول، وهكذا كانوا يتوهمون !!
واختصت الهند من بين التراث الأسطوري للشعوب بأن ظهر فيها مفهوم ما يسمى "بالضجرا" (الحجر
باللغة السانسكريتية ) أو الحجر الساقط من السماء . ففي العقد الأخير من الفترة المهيانية أطلق على بوذا اسم
"فاجرا ستف ا" أي: (الكائن الحامل للصواعق ) تجسيدًا للحقيقة المطلقة . وهناك صورة أخرى لبوذا تحمل اسم "
فاجر ادهارا " أي صاحب الرعد " ويجسدونه بتمثال معبود في جلسة تأملية خاصة، ماسكًا بحجر ( صاعقه )
بيده اليمنى أمام صدره، وبجرس في يده اليسرى على فخذه وهكذا تفشت الأوهام . أما التفكير التأملي في هذه
الظواهر باعتبارها ظواهر طبيعيه فكان منشؤه عند الأغريق على الأرجح ما بين القرنين العاشر والتاسع قبل
الهجرة حيث لمعت أسماء " أنا جزجوراس " و " امبيدو كليس " و" كليديموس " وغيرهم مناظرين في هذه
المسائل. واشتهر من بينهم " أرسطو " بتأليفه لكتاب جامع جمع فيه أقوال علماء زمانه ومن قبلهم، وسماه "
علم الأرصاد " وهو المشهور بكتابه الثاني من بين مؤلفاته.
خلاصة المفاهيم القديمة:
ويمكن لنا تلخيص المفاهيم والرموز التي كانت سائده في حضارات البشر قبل البعثه المحمدية فيما يلى:-
١-الرعد:
- سوط ( حضارة الرافدين)
- احزمه صواعق ( حضارة الرافدين)
- قرع طبول (الصين)
- حجر ساقط ( الهند ) -ريح ( أرسطو: اليونان)
- أزيز النار المنطفئة (امبيدوكليس واناجزا جوراس: اليونان)
- ضرب السحاب) ( كليديموس: اليونان) - جرس ( الهند).
٢- البرق:
- مخاريق (حضارة الرافدين)
- مرايا محرقه ( الصين)
- التهاب الريح ( أرسطو: اليونان)
-وميض نار ( امبيدوكليس وأناجزا جوراس: اليونان )
- تلآلؤ الماء ( كليديموس اليونان)
الحقبة الإسلامية : يقول (ابن خلدون ): ( إن العرب لم يكونوا أهل كتاب ولا علم، لغلبة الأمية والبداوة
صفحة ٣ من ١٠ الإعجاز القرآني في وصف السحاب الركامي
عليهم، وإذا ما استشرفوا إلى معرفة شئ مما تتشوق إليه النفس البشرية، في أسباب المكونات، وبدء الخليقة،
وأسرار الوجود، فأنهم يسألون عنه أهل الكتاب، إلى أن جاء الإسلام فبدؤا يحتاطون لما له تعلق بالأحكام
الشرعية فيتحرون فيه الصحة ولا يبالون بغيره ). وانطلاقا من هذا الكلام قمنا باستخراج الأحاديث والآثار
والأخبار التي لها تعلق بتفسير ظواهر البرق والرعد، والبرد والصواعق، وخرجنا أحاديثها فتوفر لنا منها ما
ينوف على ٦٠ وجها وما يربو على ١٦٦ طريقا، وتعقبناها بالبحث في أسانيدها، حسب القواعد العلم ية،
وخرجنا بالنتائج التالية:
١- لم نحصل على حديث صحيح مرفوع إلى رسول الله صلى الله في هذا الشأن.
٢- أكثر الأخبار الواردة في تفسير هذه الظواهر وردت موقوفة على أصحابها.
٣- استطاع أصحاب الحديث بتتبعهم للرجال جرحًا وتعدي ً لا، وبدراستهم لعلل الروايات أن يمحصوا كل ما
نسب خطأ إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وبقيت الأخبار المستفادة من التوراة والإنجيل أو أقوال
الاقدمين موقوفه على أصحابها ممن دخلوا في الإسلام.
٤- وقفنا على حديث واحد (لأبى هرير ة) وكعب الأخبار موقوفا عليهما رضي الله عنهما، ولم ينسباه إلى
رسول الله صلى الله عليه وسلم " إن البرق هو : اصطفاق البرد " ( تفسير الدر المنثور : الرعد : ١٣ ) أي:
اضطراب البرد، وقد جاء في لسان العرب ( الريح تصفق الأشجار فتصطفق . أي تضطرب ) وكما في حديث
أبى هريرة رضى الله عنه " إذا اصطفق الآفاق بالبياض " أي: اضطرب وانتشر الضوء واصطفاق المزاهر :
٣٨ ، ولسان العرب ). وهذا / إذا أجابت بعضها بعضا، واصطفق القوم : تقاربوا ( النهاية في غريب الحديث ٣
المعنى أقرب ما يكون إلى صريح الآية : ( الم تر أن الله يزجى سحابا ثم يؤلف بينه ). الرابطة بين البرق
والبرد وإلى ما يعرفه العلم الحديث.
وسواء أكان الحديث من كلام (كعب) أخذه عن (أبى هرير ة) رضى الله عنه أو العكس، فهذا المعنى غير
مسبوق مما يؤكد أصله الإسلامي لوروده في الآية الكريمة.
السحاب الركامى في علم الأرصاد:
أ- بداية التكوين:
(ألم تر أن الله يزجى سحاب ا) السحاب الركامى يبدأ بأن تسوق
الرياح قطعًا من السحب الصغيرة إلى مناطق تجميع يؤدى سوق
قطع السحاب لزيادة كمية بخار الماء في مسارها - وخاصة أول
منطقة التجمع - وهذا السوق ضروري لتطور السحب الركامية
في مناطق التجمع كما في ( شكل ٢ ) ففي هذا الشكل نرى أن
تمثل مناطق تجمع ويستدل على ذلك من حركة B,C,D المناطق
الرياح التي تبين في الشكل بالأسهم، ويظهر منها تجميع للهواء
تمثل منطقة تفرق، حيث (A) في هذه المناطق، بينما المنطقة
نجد أن الهواء لا يتجه إليها.
صفحة ٤ من ١٠ الإعجاز القرآني في وصف السحاب الركامي
ب- تطور السحب الركامية:
١-التجميع: (ثم يؤلف بينه ): من المعلوم أن سرعة السحب
تكون أبطأ من سرعة الرياح المسيرة لها، وكلما كبر حجم
السحابة كانت سرعتها أبطأ، وذلك بسبب تأثير قوى الإعاقة (
كذلك تقل سرعة الرياح عامة كلما اتجهنا إ لى (Drag-Force
مناطق التجمع كما في (شكل ٢) وعلى ذلك يؤدى العاملان
السابق ذكرهما إلى أن قطع السحب تقترب من بعضها، ثم
تتلاحم، وبالتالي نلاحظ تكاثف السحب كلما اقتربنا من منا طق
وآخرون "Anthes التجميع ( شكل ٣) وقد ل خص " أنش
العمليات السابقة في ( شكل ٤) حيث يظهر الشكل عمليات
السوق والتجمع.
٢-الركم: ( ثم يجعله ركام ا): إذا التحمت سحابتان أو أكثر فإن
تيار الهواء الصاعد داخل السحابة يزداد بصفة عامة، ويؤدى
ذلك إلى جلب مزيد من بخار الماء، من أسفل قاعدة السحابة،
والذي بدوره يزيد من الطاقة الكامنة للتكثف والتي تعمل ع لى
زيادة سرعة التيار الهوائي الصاعد دافعًا بمكونات السحابة إلى
ارتفاعات أعلي، وتكون هذه التيارات أقوى ما يمكن في وسط
السحابة، وتقل على الأطراف مما يؤدى إلى ركم هذه المكونات
على جانبي السحابة، فتظهر كالنافورة أو البركان الثائر، الذي
تتراكم حممه على الجوانب وقد أثبتت الشواهد أن التحام
يؤدى إلى زيادة كبيرة في الركم (Cloud - merger) السحب
وبالتالي إلى زيادة سمك السحاب وأن تجمعًا من الدرجة الأولى (
يؤدى إلى عشرة أضعاف المطر (First - order merger
(Scond- order merger) المنتظر وتجميعًا من الدرجة الثانية
يؤدى إلى مائة ضعف من كمية الأمطار المتوقعة بدون أي
تجميع للسحب.
وإجما ً لا فإن تجميع قطع السحب يؤدى إلى زيادة ركمه وبالتالي إلى زيادة سمكه التي تدل على قوة هذا
السحاب من ناحية أمطاره ورعده وبرقه بل نجد أن السحاب الذي نحن بصدده يسمى سحابًا ركاميًا لأن عملية
الركم في هذا النوع أساسية وتفرقة عن باقي أنواع السحاب . ومن المعلوم أن عملية سوق السحاب قد تستغرق
بضع ساعات، بينما تستغرق عمليتا التجميع والركم أقل من ذلك (حوالي ساعة أو أقل).
ومن المعلوم أيضًا أن من السحب الركامية ما يسمى بالركامى الساخن (ذو سمك صغير نسب ي ًا) وأقل
درجة حرارة داخل هذا السحاب أعلى من درجة التجمد . وهو بذلك السمك الصغير نسبيًا أقرب شبهًا بالتلال
صفحة ٥ من ١٠ الإعجاز القرآني في وصف السحاب الركامي
لا الجبال وحرارته لا تسمح بتكون البرد وهذا النوع تتكون الأمطار فيه من قطرات الماء فقط، وليس به رعد
وبرق.
وهناك سحاب ركامي يصل إلى ارتفاعات شاهقة ويشتمل على قطرات ماء في القاعدة، وخليط من ماء
شديد البرودة وحبات برد في الوسط، أما القمة فتسودها بللورات الثلج وهذا السحاب هو الذي تكون زخاته
من الماء أو البرد أو كليهما ويحدث به برق ورعد وهو السحاب الركامى المزنى الذي يكون في شكل
الجبال.
الظواهر الجوية المصاحبة: الهطول (زخات من المطر أو البرد أو كليهما):
تتحرك السحب الركامية إلى ما شاء الله لها وعامل الركم والبناء مستمر طالما كا نت تيارات الهواء
الصاعدة قادرة على حمل مكونات السحاب من قطرات ماء، أو حبات برد وعندما تصبح الرياح الرأسية غير
قادرة على حمل هذه المكونات تتوقف عملية الركم وتبدأ مكونات السحاب في الهبوط مباشرة إلى أسفل كمطر
من ماء أو برد أو كليهما، وذلك حسب مكونات السحاب وتوزيع درجات الحرارة والرطوبة أسقل السحاب
ويتكون البرد داخل السحاب بين درجتي حرارة: أقل من الصفر وحتى (ْ ٤٠ -م).
وفي هذه المنطقة تكون هناك قطرات من ماء شديد البرودة (أقل من الصفر
المئوي) وذلك لعدم كفاية نويات التثلج وهذه القطرات غير مستقرة بمعنى أنها
تتجمد فور اصطدامها بأي جسم آخر . وفي حالة وجود تيار هوائي شديد صاعد
داخل السحاب الركامى المزني ونتيجة اختلاف سرعات القطرات شديدة البردة
تحدث تصادمات ينتج عنها تحول قطرات الماء شديدة البرودة إلى ثلج، يغطى
حبات البرد، فتكبر وتستمر في الكبر حتى يثقل وزنها ولا يستط يع الت يار
الرأسي حملها فتهبط بردًا وقد شوهدت حبات برد يصل حجمها إلى حجم
البرتقالة وهذا يعنى : أنه في مثل هذه الحالات التي تكون فيها حبات البرد كبيرة
(شكل ٥ ب) فإن هذه السحب تحمل في طياتها دمارًا عاما، خاصة الزراعة.
ومن المعلوم كذلك أن نزول المطر من قاعدة السحاب ( شكل
٦أ) يكون على شكل زخات خلال جزء من قاعدة السحاب ( شكل
٦ب) في بداية الهطول حيث يسود في نهاية حياة السحاب في
نهاية الهطول ثم زخات من معظم قاعدة السحاب تيار هابط.
الرؤية العلمية الحديثة لتكون البرق بواسطة التفريغ الحاصل من
اصطفاق البرد:
أو ً لا:الظواهر المخبرية:
أ- ظاهرة (وركمان – رينولدذ): أكتشف (رينولدذ)و(وركمان)
أن الماء أثناء تجمده مع محلول ملحى مائى يولد فرق جهد
كهربائى خلال السطح الفاصل بين الثلج والسائل وينعدم بانتهاء
التجمد واقترحا أن يكون هذا أساسًا لتولد الشحن داخل السحب
وبالتالي تولد البرق.
صفحة ٦ من ١٠ الإعجاز القرآني في وصف السحاب الركامي
ب- ظاهرة (دينجر- جون) لاحظ (دينجر) و(جون) أن الثلج أثناء ذوبانه تتولد عنه شحنات كهربائية ومكن
هذا (دريك) من اكتشاف أنه إذا ما علقت بلورة ثلجية في سلك وأرسل عليها تيار غازي معلوم السرعة
والحرارة والرطوبة لإذابتها فإن الغاز عند نهاية مروره على البلورة لا يحمل شحنًا إلا إذا بدأت البلورة في
الذوبان وهناك دليل ميداني قد اكتشفه (تشالمنز) يؤكد أن التيار الكهربائي الجوى ينساب في اتجاه معاكس
بالنسبة للمطر والثلج أثناء سقوطهما.
ج- الظاهرة الديناميكية الحرارية للثلج إذا تلامست قطعتان من الثلج تختلفان في درجة الحرارة فإن قوة
دافعة كهربائية تتولد بالتأثير الحراري وقد اكتشف (لاتهام ستو ) بأن الشحن يمكن أن ينتقل من بلورة إلى
أخرى بالتصادم وكذا إذا انزلقت قطعة ثلجية على أخرى مختلفة عنها في الحرار ة. وأن وجود فقاقيع هوائية
منحبسة في الثلج يؤثر في إشارة الشحن سلبًا وإيجابا.
د- التكهرب الناشئ عن تصادم أو تكسر بللورات الثلج أو تصادم الماء الشديد البرودة مع البرد اكتشف
(بيرس وكنييه ) أن تسليط تيار هوائي على قطعة ثلج تتطاير منه - أثناء تآكله - قطع وشظايا تحمل شحنات
سالبة، بينما يحمل الهواء شحنات موجبة، لاحظ (لاتهام وماسون ) بأن هناك تولدًا للشحن أثناء تصادم وتجمد
قطرات الماء الشديدة البرودة مع سطح ثلجى وأثناء تكون " الضريب" وهو (البرد - الجليد - الثلج -
الصقيع )- كما في معاجم اللغة مما سبق يتبين أن الثلج أو البرد يولد شحنات كهربائية أثناء تحوله من حال
إلى حال إما بالتصادم أو الملامسة أو الانكسار أي كلما طرأ عليه طارئ غير من شكله، أو حجمه، أو
حرارته أو حالته.
ثانيُا الشواهد الميدانية:
وآخرون بأن مصدر الشحنات السالبة للتفريغات المتتالية من السحاب إلى الأرض يوجد (Kiehbid) وجد
على ارتفاعات محصورة ما بين سطحين متاخمين درجة حرارتهما (-ْ ١٥ وْ ٢٥ ) وتتطابق مع منطقة وجود
أمطار أو ثلوج بين هذين المستويين ( أنظر شكل رقم ٧) ومن هنا يظهر أنه رغم اختلاف أنواع السحب
الركامية جغرافيا أو فصليًا فإن حيز الحرارة الذي توجد بداخله مراكز الشحن السالبة ثابت لا يختلف . ويقرر
(لاتهام) أن هذه المشاهدة متفقة تمامًا مع الظواهر المخبرية وبالتالي فإن باستطاعة البرد أن يولد م جا ً لا
كهربائيًا انهياريًا في الفترة الزمنية المطلوبة مع أمطار معتدلة إذا وصل تركيز بلورات الثلج في منطقة
( الشحن إلى ١٠ بلورات في اللتر الواحد . وبما أن مركز الشحن يقع في الحيز المحصور ما بين (-ْ ١٥ و ٢٥
فأنه من الواضح إن عدد نويات التجمد الطبيعية غير كاف لتوليد البلورات الثلجية بالتركيز المطلوب، ولا شك
أن هناك عام ً لا ثانويًا وإن لم نقف عليه بعد لازدياد عدد البلورات.
شكل ٧: رسم توضيحي يبين مستويات وتوزيع وتفريغ الشحنات الكهربائية من
السحاب الركامي في ظروف مناخية مختلفة.
الخلاصة: وهكذا فإن الظواهر المخبرية والمشاهدات الميدانية قد أقامت الدليل على
أن البرد قد يكون سببًا في تولد البرق وهذا ما قرره القرآن الكريم قبل ١٤٠٠ عام.
الطرح القرآني لعملية تكون السحاب الركامى:
المعاني اللغوية والتفسيرية : فيما سبق تم إيضاح نشأة وتطور السحاب الركامى وكذا الظواهر الجوية
المصاحبة لذلك . والآن نرجع إلى النص القرآني في وصف السحاب الركامى ومن المهم قبل ذلك أن نتعرف
على معاني الألفاظ القرآنية لفهم النص كما جاء في معاجم اللغة وكتب التفاسير:
صفحة ٧ من ١٠ الإعجاز القرآني في وصف السحاب الركامي
١-ألم تر أن الله يزجى سحابًا إسلامي : جاء في معجم مقاييس اللغة مادة (زجى) والريح تزجى السحاب :
تسوقه سوقًا رفيقًا وبمثله قال ابن منظور في لسان العرب وقال الجوهري (زجيت الشيء تزج ية إذا دفعته
برفق) وهذا ما فهمه المفسرون من الآية . فقد قال ابن كثير : يذكر تعالى أنه يسوق السحب بقدرته أول ما
ينشئها وهي ضعيفة وهو الإزجاء :وقال أبو السعود : ( غلإز جاء : سوق الشيئ برفق وسهولة )، وقال أبو
حيان: (ومعنى يزجى يسوق قلي ً لا ويستعمل في سوق الثقيل برفق ) وقال الشوكانى
الإزجاء: السوق قل ي ً لا
المعنى انه يسوق السحاب سوقًا رفيق ًا) وهذا الذي ذكره المفسرون هو نفسه الذي قرره علماء الأرصاد في
الخطوة الأولى من تكوين السحاب الركامى كما بينا سابقًا تحت عنوان: كيف يبدأ كون السحاب الركامى.
٢- (ثم يؤلف بينه ): يبين علماء اللغة أن التأليف : هو الجمع مع الترتيب والملائمة قال الاصفهانى في
غريب القرآن : (والإلف اجتماع مع التئام ... والمؤلف ما جمع من أجزاء مختلفة ورتب ترتيبًا قدم فيه ما حقه
أن يقدم وأخر فيه ما حقه أن يؤخر ) وقال ابن فارس في المقاييس
الهمزة واللام والفاء أصل واحد يدل على
انضمام الشيء إلى الشيء والأشياء الكثيرة أيضًا ) ومن المفسرين قال القرطبى
أى يجمعه عند انتشا ئه
ليقوى ويتصل ويكثف ) وقال الزمخشرى
ومعنى تأليف الواحد أنه يكون قزعًا فيضم بعضه إلى بعض وجاز
"بينه" وهو واحد لأن المعنى بين أجزائه ) وقال ابن الجوزى
أى يضم بعضه إلى بعض فيجعل الق طع
المتفرقة قطعة واحدة والسحاب لفظه لفظ الواحد ومعناه الجمع ). وقال الطبرى
وتأليف الله السحاب : جمعه
بين متفرقه ا) وهذا اللفظ الذي استعمل في كتاب الله للدلالة على المرحلة الثانية في نظام تكوين السحاب
الركامى يندرج تحته هذا المعنى العلمي الذي شاهده علماء الأرصاد . ففي هذه المرحلة تتألف السحب المتعددة
لتكون سحابًا واحدًا وبلغ التأليف بين السحب أن أصبحت كيانًا واحد ًا. ويحدث كذلك تأليف بين أجزاء السحاب
الواحد. كما أشار إلى ذلك الزمخشرى أخذًا من معنى اللفظ القرآني . ولكي تتم هذه الخطو ة: وهي الانتقال من
مرحلة الإزجاء لقطع السحب إلى مرحلة التأليف يحتاج الأمر إلى وقت ولذلك نرى أن الحرف الذي استعمل
في القرآن للدلالة على هذه العملية هو حرف العطف "ثم" الذي يدل على الترتيب مع التراخى في الزمن (ثم
يؤلف بينه).
٣- ثم يجعله ركام ًا) الركم في اللغة : (يأتى بمعنى إلقاء الشيء بعضه فوق بعض كما قال ابن فارس وقال
ابن منظور الركم : جمعك شيئا فوق شئ حتى تجعله ركامًا مركومًا كركام الرمل والسحاب ونحو ذلك من
الشيء المرتكم بعضه على بعض ) وقال الأصفهاني : (والركام ما يلقى بعضه على بعض ) وقال الجوهرى :
( ركم الشيء يركمه إذا جمعه وألقى بعضه على بعض ) ومن المفسرين قال الطبرى : ( يعنى متراكمًا بعضه
على بعض ) وقال بن كثير : (أي يركب بعضه بعض ًا) وبمثلهما قال القرطبى، والزمخشرى وأبو السعود وابن
الجوزى والشوكانى والبيضاوى والخازن والنسفي . وهذه المرحلة الثالثة من مراحل تكوين السحاب الركامى
المذكور في الآية الكريمة تقابل ما ذكرناه آنفًا تحت عنوان : ركم السحاب . وبينًا فيه أن عامل ركم السحاب
الذي يكون بالنمو الرأسي لنفس السحابة، هو العامل الرئيسي في هذه المرحلة، وأن الانتقال إليه من المرحلة
السابقة يحتاج كذلك إلى زمن لذلك كان استعمال حرف العطف الدال على الترتيب مع التراخي في الزمن .
وهو حرف العطف (ثم).
٤- (فترى الودق يخرج من خلاله ) الودق: هو المطر عند جمهور المفسرين كما قال الشوكانى والقرطبى .
خلاله: في هذا اللفظ قراءة أخرى، قال ابن جوزى
وقرأ ابن مسعود وابن عباس وأبو العالية ومجاهد
والضحاك من خلله ). وبين المفسرون معنى "من خلاله " فقالوا: من فتوقه ومخارجه وقال بهذا التفسير
الزمخشرى وأبو حيان والشوكانى والبيضاوى وأبو السعود والنسفي . وقال القرطبى
وخلال جمع خلل م ثل :
جبال وجبل وهي فرجه ومخارج القطر منه ) وقال ابن كثير
يخرج من خلاله : أي من خلله كما هي القراءة
الثانية. وهذا الذي أشارت إليه الآية الكريمة هو ما قرره علماء الأرصاد من مراحل لنزول المطر في
السحاب الركامى . فهذه المرحلة تعقب المرحلة السابقة وهي مرحلة الركم وبعد أن يضعف الرفع في السحاب
أو ينعدم وهو الذي كان يسبب الركم ينزل على الفور المطر وبضعف عملية الرفع إلى اعلى أو انعدامها
تتكون مناطق ضعيفة في السحاب لا تقوى على حمل قطرات المطر إلى اعلى بسبب ثقلها فتخرج من مناطق
صفحة ٨ من ١٠ الإعجاز القرآني في وصف السحاب الركامي
الخلل أو الضعف في جسم السحابة.
٥- (وينزل من السماء من جبال فيها من برد ): قال أبو السعود : (وينزل من السماء ) من الغمام فإن كل ما
علاك سماء (من جبال فيه ا) أي: من قطع عظام تشبه الجبال في العظم، كائنة فيها (من برد ) مفعول ينزل
على أن (من) تبعيضية والأوليان لابتداء الغاية على أن الثانية بدل اشتمال من الأولى بإعادة الجار أي ينزل
مبتدئًا من السماء من جبال فيها بعض برد وقال من السماء من جبال فيها بعض برد، وقال الشوكانى بمثل ما
قال أبو السعود وقال البيضاوى بمثل ما قال أبو السعود أيضًا، إلا انه اعتبر (من) الثالثة بيانية فقال : (من برد
بيان للجبال والمفعول محذوف أي ينزل مبتدئًا من السماء من جبال فيها من برد بردًا ) وقال ابن الجوزى :
(وينزل من السماء ) مفعول الإنزال محذوف تقدير ه: وينزل من السماء من جبال فيها من برد بردًا، فاستغنى
عن ذكر المفعول للدلالة عليه و "من" الأولى لابتداء الغاية لأن ابتداء الانزال من السماء والثانية للتبعيض لأن
الذي ينزله الله بعض تلك الجبال والثالثة لتبيين الجنس لأن جنس تلك الجبال جنس البرد ). وهذا الذي فهمه
هؤلاء المفسرون الذين نقلنا أقوالهم في بيان تفسير الآية هو ما كشف عنه العلم فلابد أن يكون السحاب في
شكل جبلى يسمح بتكوين الثلج في المناطق العليا منه ويسمح بتكوين الماء الشديد البرودة الذي سيتحول إلى
مزرعة للبرد عندما يشاء الله في المنطقة الوسطى من السحابة وإن البرد يتكون عندما تمكث نواة ثلجية لفترة
زمنية كافية وتحتوى على ماء شديد البرودة (ماء درجة حرارته تحت الصفر حتى درجة -ْ ٤٠ م) وتحت هذه
الظروف المواتية فإن البرد ينمو بتعدد اصطدامه مع قطرات الماء الشديد البرودة والتي تتجمد بمجرد
ملامسته فلابد ان يكون في تلك السحابة شئ من برد (فيها من برد ) ويكون المعنى والله اعلم وينزل من
السماء بردًا من جبال فيها شئ من برد والجبال هي : السحب الركامية التي تشبه الجبال وفيها شئ من برد
وهي: تلك البذور الأولى للبرد.
٦- (فيصيب به من يشاء ويصرفه عن ما يشاء ): هذه الفقرة من الآية الكريمة تقرر أن نزول البرد مكانًا
وزمانًا مرهون بمشيئة الله سبحانه وتعالى ومع معرفتنا بأن الأمر متعلق بمشيئة الله التي لا نعلمها إلا إن الله
قد جعل لكل شئ قدرًا، فوقت نزول المطر بيده ونزول البرد بيده سبحانه ولكن ذلك كله يجرى وفق سنن
محكمة.
٧- (يكاد سنًا برقه يذهب بالأبصار ): يبين الله تعالى أن للبرد برقًا شديد اللمعان فالضمير في
برقه يرجع إلى أقرب مذكور وهو البرد وسنا البرق : شدة بريقه وضوئه يذهب بالأبصار أي
خطفه إياها من شدة الإضاءة فنسب البرق إلى البرد في كتاب الله . وقد بينا فيما سبق أن البرد
يقوم بتوزيع الشحنات الكهربائية في جسم السحابة أثناء صعوده وهبوطه ثم يقوم بالتوصيل بين
الشحنات الكهربائية المختلفة فيحدث تفريغًا هائ ً لا.
وهكذا فإنك إذا تأملت في الآية ستراها ترتب مراحل تكوين السحاب الركامي خطوة خطوة
مشيرة إلى التدرج الزمني . وتتجلى أوجه الإعجاز المتعددة في هذه الآية الكريمة إذا طرحنا بين
أيدينا هذه التساؤلات : - من أخبر محمدًا بأن أول خطوة في تكوين السحاب الركامي تكون بدفع
الهواء للسحاب قليلا قلي ً لا؟ {يزجى سحاب ا}!! وهذا أمر لم يعرفه العلماء إلا بعد دراسة حركة
الهواء عند كل طور من أطوار نمو السحاب - ومن بين له أن الخطوة الثانية هي التأليف بين
قطع السحب {ثم يؤلف بينه } ومن أخبره بهذا الترتيب؟ - ومن بين له أن ذلك يستغرق فترة
زمنية حتى يعبر عنه بلفظ {ثم}. - ومن أخبره محمدًا أن عامل الركم للسحاب الواحد هو
العامل المؤثر بعد عملية التأليف؟ - ومن أخبره أن هذا الركم يكون لنفس السحاب، وأن ذلك
الانتقال من حالة التأليف يستغرق بعض الوقت {ثم يجعله ركام ًا}؟ هذه المسائل لا يعرفها إلا من
درس أجزاء السحاب ورصد حركة تيارات الهواء بداخله فهل كان يملك الرسول الأجهزة
والبالونات والطائرات!
صفحة ٩ من ١٠ الإعجاز القرآني في وصف السحاب الركامي
وكذلك من الذي أخبر محمدا بأن عملية الركم (الناتجة عن عملية الرفع ) إذا توقفت أعقبها
نزول المطر مباشرة ؟ وهو أمر لا يعرف إلا بدراسة ما يجرى داخل السحاب من تيارات
وقطرات مائية وهذا لا يقدر عليه إلا من امتلك الأجهزة والقياسات التي يحقق بها ذ لك، فهل
كان لمحمد مثل هذه القدرة وتلك الأجهزة؟ – ومن الذي أخبر محمدًا أن في السحاب مناطق
خلل وهي التي ينزل منها المطر؟ وهذا أمر لا يعرفه إلا من أحاط علما بدقائق تركيب السحاب
المسخر بين السماء والأرض، ويحركه الهواء داخل السحاب . - ومن أخبر محمدًا بأن الشكل
الجبلي وصف للسحاب الذي ينزل منه البرد؟ فهل أحصى الرسول كل أنواع السحاب حتى تبين
له هذا الوصف الذي لابد منه لتكوين البرد؟ - ومن أنباه عن نويات البرد التي لابد منها في
السحاب الركامى لكي يتكون البرد {وينزل من السماء من جبال فيها من برد }إن هذا السر لا
يعرفه إلا من تمكن من مراقبة مراحل تكوين البرد داخل السحاب - ومن الذي أنباه بأن للبرد
برقًا وأن البرد هو السبب في حصوله ؟ وأنه يكون أشد أنواع البرق ضوءا ؟ إن ذلك لا يعرفه
إلا من درس الشحنات الكهربائية داخل السحاب واختلاف توزيعها ودور البرد في ذلك . ولشدة
خفاء هذا الأمر فقد نسب المفسرون البرق إلى السحاب - وإن كان السحاب يشتمل على البرد
في كلام المفسرين - ولم نجد من نسب هذا البرق إلى البرد، مع أنه المعنى الظاهر لقوله تعالى
{وينزل من السماء من جبال فيها من برد فيصيب به من يشاء ويصرفه عمن يشاء يكاد سنا
برقه يذهب بالأبصار }. من أخبر محمدًا بكل هذه الأسرار منذ أربعة عشر قرنا ؟ وهو النبي
الأمي في الأمة الأمية التي لم يكن يتوفر لديها شئ من الوسائل العلمية الحديثة . لا أحد إلا الله
الذي نزل القرآن على عبده ليكون للعالمين نذيرًا.
صفحة ١٠ من ١٠ الإعجاز القرآني في وصف السحاب الركامي